تاريخ المؤسسة الدينية الشيعية : من العصر البويهى الى نهاية العصر الصفوى

دراسة تتناول تاريخ تلك المؤسسة من العصر البويهي إلى نهاية العصر الصفوي الأول (200-1000هـ/912-1591م). وبالنسبة لمفهوم المؤسسة الدينية في هذا العنوان فهو مصطلح أطلقه المؤلف على تاريخ الفقهاء السياسي والعلمي دون سواه من المصطلحات، لأنه مفهوم شامل يجمع في طياته مفردات التاريخ الشيعي. أما المصطلحات الأخرى، فهي مصطلحات لم تمتد لتغطي المساحة الزمنية لتاريخ الفقهاء، كمصطلح “الحوزة العلمية” وما قاربه من مترادفات، لأنها مفردات مستحدثة لم يتعدًّ وجودها القرن الرابع عشر الهجري/العشرين الميلادي، فلا تسع التسمية لتغطية المراحل المتقدمة عليها.

ومن ناحية أخرى يقول المؤلف بأنه ومن خلال دراسته المتواصلة لمفردات البحث التاريخي، وخصائصه وما يتعلق بطبيعة حركة الفقهاء ضمن إطاري المتغيرات السياسية، والتطورات العلمية، فقد اهتدى إلى منهج لدراسة التاريخ اعتمده في التعامل مع الواقعة التاريخية، وهو المنهج الذي طوّره عملياً فيما بعد، وفي هذه الدراسة، بدراسته للتاريخ.

ومنهجه في ذلك يعتمد على الانتقال من الواقع إلى النص، وعدم الاعتماد على النصوص في تشكيل الواقع، إلا إذا طابق النص الواقع، وائتلف معه. وبهذا الميزان يتميز النص الموثوق عن غيره بنتيجة أشبه ما تكون بالمعادلة الرياضية التي قد لا تقبل الخطأ. وأما الواقع في هذه الدراسة فيتم تشكيله من خلال ترابط سلسلة الأحداث التي تدور حول الواقعة سواء أكانت أحداثاً خارجة عنها، أم داخلة فيها، ويتدرج في ذلك جميع ما يتعلق الواقعة من تاريخ، وما يحيط بها من حوادث؛ ابتداء من دراسة العصر الذي وقعت فيه الحادثة، واستقراء ما يتعلق بالحدث من مفردات جزئية، والانتقال منها إلى الكليات، وانتهاء بتفكيك “الحادثة” وتشريحها، ومطابقة المرويات بعضها مع الآخر ليصل المؤلف في هذه الدراسة إلى ما توصله إليه شبكة العلاقات التي أصبحت تطوّق الحدث، وتدور حوله. وهو يقول في هذا أنه ومن خلال شبكة العلاقات تظهر الواقعة التاريخية على حقيقتها، وهي ما يعبّر عنها بالحقيقة التاريخية، حتى ولو كانت النصوص بحدّ ذاتها مضللة، أو بعيدة عن واقع الحال.

ويمكن القول بأن هذا المنهج الذي أسسه المؤلف يحقق رؤية الماضي كما حدث أوّل مرة، ويكشف عنها، وبهذا يتحقق إدراك المكتوم، أو المسكوت عنها في حركة الأحداث، حتى المتبنيات الداخلة ضمن إطار تشويه التاريخ وتركيبه على وفق آليات متنافرة. إضافة إلى ذلك عمد المؤلف في دراسته التاريخية هذه إلى أساليب جديدة في هذا النوع من الدراسات جدير بالتوقف عنده وتعميمه في هذا المجال.