كيف وصلنا الى الان

 الاختراعات أفكار راودت عقول أصحابها. كلّ فكرة من تلك الأفكار هي نقطة في شبكة ممتدة، شبكات-لو تتبعتها- فإنها تقودك إلى أطراف بعيدة وغريبة ومثيرة للتأمّل والإعجاب. وكلّ فكرة جديدة تكتشفها تمثّل بدورها مركزًا لشبكة وحدودًا لشبكة أخرى.
هذا الكتاب البديع هو استعراض بالمثال لهذا المجاز، لستّة أفكار أو اكتشافات نتجت عنها مئات الاختراعات، والكثير الكثير من التغيرات الاجتماعية. فمن الصوت والضوء إلى التبريد ومفاهيم النظافة، ومن الزجاج إلى الوقت علاقات وترابطات مذهلة، وقصص كثيرة، وآثار اجتماعية مثيرة.
عظمة هذا الكتاب لا بما جمعه وهو رائع، بل بما يمكن أن يريك لو استخدمت أسلوبه في التقصي عن أي شيء حولك، أي شيء! أشياء مادية ملموسة كشاشة الهاتف الذي بين يديك، أو أشياء ذهنية افتراضية محضة كأساليب الاحتفال الحديثة بإعلان جنس الجنين، أو التقاضي بسبب مقولة كتابة على الفيس بوك.
دمج الكاتب في أسلوبه ما بين سرد المعلومة ورواية القصة وطرح الأفكار عن الإبداع بشكلٍ سلس وجميل. وفي الكتاب ثنائيات ومفارقات ختم بها “ستيفين جونسون” فصول الكتاب بأسلوب أدبي ذكي وممتع.
الترجمة ممتازة، إلا أنّ أخطاءً شنيعة تكرّرت في كتابة التاريخ! ففي عدة مواضع ورد التاريخ خطأً. وأثار انتباهي تناقضه المنطقي، فعدت إلى نسخة إلكترونية من الأصل الإنجليزي لأتأكد من خطأ التاريخ في النسخة العربية.
ملاحظة أخيرة، تمنيت لو حرصت دار النشر على درجة أعلى من وضوح الصور في الكتاب، إن لم يكن في المستطاع جعلها ملونة. فالصور في النسخة الإنجليزية جميلة وواضحة.