جيوب مثقلة بالحجارة

يلتقى القارئ -على الصفحات التالية- بثلاثة نصوص: “رواية لم تكتب بعد”، وهى رواية قصيرة -أو نوفيللا- للروائية الإنجليزية فرجينيا وولف، ومحاورة تخيلية مع المؤلفة، وتقدمه بقلم المترجمة تحمل عنوان “جيوب مثقلة بالحجارة” فى إشارة إلى انتحار فرجينيا وولف المأساوى قبل خمسة وستين عاماً. الرواية مروية بضمير المتكلم، ومسرح أحداثها -إن صح أن فيها أحداثاً- عربة قطار يمر بالجزء الجنوبى الشرقى من الريف الإنجليزى، منطلقاً من لندن. والراوية (الأغلب أنها امرأة) تشترك فى العربة مع خمسة مسافرين لا يلبثون أن يهبطوا -واحداً فى إثر آخر- فى محطاتهم، فلا يتبقى معها سوى امرأة تختار الراوية أن تدعوها “مينى مارش”. وتتخيل الراوية مواجهة كبرى بين هذه العانس الفقيرة، مينى مارش، وزوجة أخيها المدعوة “هيلدا”. وثمة لمحات عن مينى مارش بأعين الآخرين، إلى جانب عينى الراوية. والرواية -وهنا مكمن تشويقها وفرادتها- ثمرة حساسية حداثية تخترق طرائق السرد التقليدى والوصف الخارجى (على طريقة آرنولد بنيت وجولز ورذى وهـ. ج. ولز، ممن اشتدت المؤلفة فى نقدهم)، وتحطم قواعد المنظور (أستعير العبارة من يوسف الشارونى)، لكى تنفذ من قشرة المظاهر الخارجية إلى اللب الروحى العميق، إلى مركز الأرض الباطنى الموار بالحرارة والجيشان والانفعال.