انثى السراب

السعر الأصلي هو: 250 ج.السعر الحالي هو: 180 ج.

من جديد يأتي صوت الكمان الدافء، يذبحني أنينه، يملأني، أغمض عيني على هذه الحافة الهاربة. أرى إمرأة تتمزق بين رغاباتها وأحلامها الصغيرة والملونة، وبين حياتها الموغلة في عتمة الأرواح المحيطة بها، في وحشة الشوارع وفظاعة الإحساس بالوحدة… أشعر برغبة في البكاء. ذاك الأنين الجميل يعمق إحساسي بالفداحة… كم تراني خسرت طوال هذا الوقت الذي يمضي داخل الخوف والأسئلة التي تبقى معلقة حول حوافّ القلب كالقصة؟ جريت أكثر وكأن الأوامر من ورائي لم تكن تعنيني. مسحت المكان بعيني الحذرتين، بدرجة قاربت المائة والثمانين درجة. عرفت أين هي بالضبط. كانت مريم تسلك الطريق المؤدي إلى واجهة البحر، قبل أن تنزل نحو الميناء القديم. ربما كانت تريد أن تستقل سفينة ما للهرب. لم يكن الشرطي السمين بعيداً عني، فقد شممت رائحة عرقه القوية، وشعرت حتى بظله يثقل جسدي المنهك. جريت أكثر لكي لا تغيب مريم عن نظري. ثم… طلقة ثالثة قريبة في، جمّدت دمي… إرتعش المسدس في يدي، وأصبح فجأة لا يساوي إلا ثقله. بدأت أتهادى، غمرني فجأة صفاء غريب مع قطرات الدم الأولى التي تنزف من صدري، ولونت قميصي البنفسجي الجميل، ببقعة حمراء عند النهد الأيسر تماماً، كانت تتسع أكثر فأكثر، كلما جريت. عاودني الصوت مضخماً كأنه يأتي من بئر فارغة. هل إنتصرت؟ أم هزمت؟ الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أنني… ما أزال واقفاً على قدمي، مثخناً بالجراح، وكلها في صدري، لقد فعلت ما إستطعت… وأكثر مما كنت أستطيع.. أما وقد إنتهت المعركة الآن، فإنني آت لأضطجع إلى جانبك، ولأصبح تراباً. الصوت نفسه والنبرة نفسها. كان هذه المرة واضحاً كهذا اليوم لجميل. من هو؟ قال هذه الجملة التي أدخلتني فجأة في دوار الموت. أعرفهن ولكني نسيته أيضاً، مثل خيط العطر المتسرب من مريم. أركض. أحاول أن لا أتوقف. أتشمم الأشياء كحيوان بري ضائع. أشعر بجسدي أخف من الريشة وهو يتسلل بين الناس ببطء شديد. كان تكاثرهم المتزايد يشبه جذوع وأغصان الأشجار الإستوائية التي سلكناها أنا وسينو في جزيرة القديسات… في لمح البصر إنتابتني ملينا وهي تستمتع برمال الكاريبي البيضاء… تتكاثر الأمواج البشرية من حولي ممتزجة بالنداءات الحادة..

رمز المنتج: Fox-LI4QD3WECQ6357 التصنيفات:
المؤلف

عدد الصفحات

552

الناشر

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “انثى السراب”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *