الاشكال الاولية للحياة الدينية

 وهو ليس كتابا عن البني الاساسية للدين فقط، فهو يحتوي أيضا صفحات رائعة عن كل أنشطة الروح البشرية، والتي ترجع في أصلها لما هو (اجتماعي). فليس الديني فقط يرجع أصله للاجتماعي، وإنما مقولات الذهن المنطقية التي ينشأ عنها العلم ترجع أيضا للاجتماعي. الاجتماعي في نظرية دوركايم هو العنصر الرئيسي في الروح البشرية وفي الحضارة البشرية. هو مصدر الدين والأخلاق والعلم. وبعض صفحات الكتاب التي قرأتها تباعا بروح محمومة من فرط المتعة، تبدّت لي وكأنها أنشودة ممجدة للاجتماعي.٠
.
الدين هو ظاهرة تتعامل مع موضوع واقعي، فمجموعة المشاعر والانفعالات الأولية التي صاغت الدين ناجمة عن تعرض الروح البشرية لواقع تمّت صياغته عقائديا في صور رمزية. وجوهر الدين هو الشعور بالمقدس، والمقدس هو عالم آخر مفارق لما هو يومي، يشعر المرء تجاهه بتبجيل يتطلب قواعد للتعامل معه. تهدف هذه القواعد لفصل الدنيوي عن المقدس، فالدنيوي لا يمكن أن يختلط بالمقدس إلا باتباع قواعد وتحريمات تحيل الدنيوي لمقدس حتي يدخل حقل المقدس. وينبع هذا التصور عن تصور آخر عن قوة غفل غير مشخصة تسري في الأشياء وتكسبها القداسة، وهذه القوة لو سرت وانتشرت بالعدوي لمواضيع دنيوية غير مهيأة تؤدي لآثار تدميرية تتمثل في الخراب والمرض والموت.٠